الاثنين، 24 أكتوبر 2016

خواطر الحرية والعبودية والمساواة



الحرية

كان العرب في عصر النبوة يقولون الحر و الحرة وهي عكس العبودية أو الرق , ,كانوا يختصون الأحرار بصفات يظنون أنه من الصعب أن تتوفر في العبيد , وهي أيضا رغبة منهم في التمايز عن العبيد
وجزء من هذه الصفات بالتأكيد هي عدم الإجبار - بمعنى أن الحر لا تستطيع أن تجبره على شيء - , ومنها أن الحر يطلب المعالي و نفسه تسمو للشرف و المرؤة , والحر كريم , ولا يلجأ لعمل شيء في السر لأنه لا يخاف , ويأبى أن يدفع جزية - أو إتاوة - فلا يؤخذ منه شيء إلا بكرم نفس , ولا يطلب شيئا إلا بعزة نفس , وهو شجاع ويقول ما يريد - دون سب - , ويكره أن تنسب إليه نقيصة , ولا يحب أن يسبقه أحد إلى عز أو شرف , لكنه أيضا يعرف للرؤساء قدرهم , وللنساء كانت الحرة ترى الزنا منقصة , ومن الرجال من كانوا يرون أن الخمر تهدر مروءتهم فيمتنعون عنها , والنظام القبلي كان يدعم كل هذا ويعزز الفرد في حريته و كرامته
والحر لا يقب الضيم - الظلم - 

العبودية

العبودية لا فكاك منها , فالفرد في النهاية سيخضع لمنظومة قوانين وقيم مجتمعية صنعتها الأغلبية وفقا لعقلها الجمعي , وهذه القوانين متبدلة و متغيرة وتختلف من ولاية لولاية داخل الدولة , وتنشأ القوانين وفق موروثات قديمة وأحيانا أفكار جديدة ناشئة ويسمونها تطورا والفرد فيها كذرة وسط بحر الرمال
أما عبودية الفرد للخالق - فهي أيضا لا فكاك منها و إن أنكر الإله , فالخالق يملك أنفاسه و مصيره ,  فهو خالقه وهو رازقه والمتحكم في حياته و المقدر لميعاد مماته و هو يحاسبه بعد الموت فأين المفر؟
فالخضوع لقوانين منبعها الخالق إما مباشرة أو عن طريق قواعد عامة مستنبطة من الوحي و تكون بمثابة الطريق الذي تسير فيه القوانين, هو حصر عبودية الانسان للخالق فقط و تخلصه من عبوديته لغير خالقه , فإن كان الحكم الديكتاتوري هو عبودية للفرد فإن حكم الأغلبية هو عبودية للجماعة وكلاهما يخل بعبودية الفرد للخالق و تنازعه في سلطته
وعلى اعتبار القناعات الدينية منتج بشري في مقابل منتج بشري آخر هو المنتج الليبرالي فلا يحق لمنتج أن يعلو على منتج , وتحييد الدين و قناعاته -وفقا لليبرالية - هو فرض قناعات بشرية على قناعات بشرية أخرى , فإن قيل أنتم بالمقابل تريدون فرض القناعات الدينية على الآخرين - كقوانين - فيكون الحل إما الاحتكام للقوة - الجهاد - , وإما أن تكون هناك دولة ليبرالية يعيش فيها ذوي القناعة الليبرالية و دولة دينية يعيش فيها ذوي القناعة الدينية و من يغير قناعاته يغير دولته وهذا التقسيم أوجه وأقوى عقلا من التقسيم وفقا للأعراق أو وفقا لحدود سياسية مختلقة , ويكون بين هذه الدول تعايش , أما فرض اللادينية على المجتمع و"إجبار المتدينين " عليها بحجة التعايش هو في حقيقته سلخ الفرد عن معتقداته
والليبرالية التي أصلا لا تعترف بالإله ولا بدوره إن جاء قانون وفقا للأغلبية موافقا لأوامر الإله فإنها تنزعج بشدة , ووجه الغرابة فلتعتبره منتج بشري ! كمثال واضح : القوانين الليبرالية تسجن السارق - وهذا قانون بشري - , فإذا جاء قانون بشري أخر يقطع اليد فإنهم يرفضونه !
وكخاطرة اجنبية فإن الحرية في الإسلام لها مكانة كبيرة لذلك كان قطع يد السارق أهون من حبسه لأعوام - تنتكس فيها نفسه و يعيش عالة على المجمتع الذي سرقه ونسجنه بتكاليف لو أنفقت على البشر لققلت عدد السارقين الجدد! فتأملوا يا أولي الأبصار. وكذلك الجلد ولو أن المسجونين خيروا بين الجلد و السجن لاختاروا الجلد (وهذا يستحق أن تقام عليه دراسة اجتماعية علمية)

ولاية الأمر في عهد الراشدين - والعقد الديني -الاجتماعي

شرعية الحاكم تأتي من ثلاثة أشياء :
1- رعاية الدين وصيانته ودعم الحياة الإيمانية
2-رعاية مصالح الناس الدنيوية
3- البيعة أو رضا الناس عند الاختيار, فالبيعة لا تكون بالإجبار - , وهذه البيعة كانت تأتي على مستويين الأول هو أهل الشورى و رأيهم ملزم ثم تنزل للمستوى الثاني وهو العامة ورأيهم استشاري غير ملزم , وكان أهل الشورى يراعون في الاختيار عامل الأمانة و عامل القوة و عامل رضا العامة

كان الأوائل يدركون أنهم رعاة لمصالح الناس وأمناء على الدين , ومصالح الناس يحكمها العرف و مصلحة الدين وفق فهم واجتهاد علماء العصر لا وفق اجتهاد الحاكم الشخصي
و راينا بداية استقلال القضاء , كان العرف أن الحاكم يملك اختيار القاضي  و عزله لكنه لا يملك أن يتدخل أبدا في حكم القاضي , وللقاضي أن يعزل نفسه - وهو بمثابة استقالة مسببة - إن رأى ان هناك تدخلا يخل بالعدالة وفق حكمه
وكانت عدالة القضاء و استقلال القاضي هي أحد مكونات شرعية الحاكم

استقلال الفقهاء أحد أهم دعائم عدم طغيان الحاكم وحيوده عن الطريق

وكانت بداية الاخلال في البند الثالث

ثم وصلنا في عصرنا إلى اللهاث وراء البند الأول وهؤلاء هم الإسلاميون ولو وعلى حساب البند الثاني و الثالث, أو اللهاث وراء البند الثاني والثالث على حساب البند الأول ولا مانع من الاخلال أيضا بالبند الثالث أيضا - وهؤلاء هم الليبراليون

مؤسسة الحكم أو الدولة - تماثل الأسرة - الزوجين - لا يمكن أن تكون علمانية بعيدا عن الدين أو فصل الدين عن الحياة الأسرية , فالأسرة كوحدة لها أغراض  دنيوية - تتشابه مع كل العالم - لكنها في الإسلام لها أغراض دينية عديدة وهذه الأغراض تدخل في دائرة الوجوب لا الندب
فدولة بعيدة عن الدين مثل أسرة بعيدة عن الدين , قد تكون ناجحة بالمقاييس الدنيوية المحضة لكنها بالمقاييس الدينية فقدت طريقها

فالكون في الإسلام عبارة عن إله وعبيد , وعدم الاعتراف بعبودبتك للإله هو عدم اعتراف بإلوهية هذا الإله و تنصيب نفسك ند و شريك و منافس , والعبودبة تقتضي تنفيذ الأوامر سواءا كنت كارها أو راضيا , فاهما للمغزى أو الحكمة أو غير فاهم , أما التنفيذ في حال الرضا و حال الاقتناع العقلي ليس في حقيقته طاعة بل هو مطاوعة أو مجاراة وخداع للنفس و محاولة فاشلة لخداع الرب !


عودة للحرية

بعد إالغاء الرق لا جدال بين الناس أن الإنسان يولد حرا وله نفس الحقوق , لكنهم مجمعون أيضا أن أفعاله هي التي تحدد التمايز والاختلاف في الحقوق الواجبات , فالسارق مثلا يسجن - وفقا للقوانين المختلقة -  فهنا فعله للسرقة انتقص من حريته
وعلى هذه القاعدة يسير الإسلام - فالكفر والإيمان هما أفعال يقعان من الإنسان مختارا و بالتالي عليه أن يتحمل نتيجة ذلك وما يقع عليه من تمايز بسبب ""فعله"" وهذا هو مغزى آية "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" -والله أعلى وأعلم -


المساواة

الحياة قائمة على التمايز فلا مساواة في الجنسيات و لا المرتبات ولا الامتيازات , و التمايز يقع وفق لقواعد عقلية و عرفية , فالأعدل والأهدى أن تكون وفقا لمقاييس إلهية فنقدم ما يقدمه الوحي و نؤخر ما يؤخره , وما سكت عنه نجتهد فيه آراءنا
والأصل بين الناس المساواة في الحقوق و المساواة أمام القانون , وما يقع من تمايزبين الرجل و المرأة هو فعليا تمييز بسبب تفاوت القدرات والإمكانيات الذاتية وكذلك الاختلاف في الوظيفة




ليست هناك تعليقات:

تابعونا على تويتر

Translate