السبت، 26 مارس 2011

أحكام الطلاق وفقا لصحيح الشرع - الجزء الثاني -



 هذا هو الجزء الثاني من البحث 
و الجزء الأول على الرابط التالي 

أحكام الطلاق وفقا لصحيح الشرع - الجزء الأول -



الجزء الثاني يشمل :

الاشهاد على الطلاق

إعلام الزوجة
الاجتهاد الصحيح
فائدة في أن كل ما هو مخالف للشرع فهو مردود
وجوه اختلاف الطلاق عن العتاق
حالات لا يقع فيها لفظ الطلاق
كتاب الله أولا
غضب الرسول من مخالفة كتاب الله
مخالفة المقاصد
إجمال الأدلة
مخرج فقهي
جواز اشتراط عكس المنطوق
أمثلة أنه لا يوجد فعل أو قول لا يمكن إبطاله أو نافذ مهما حدث
الصدقة
اليمين
العتق
النذر
فائدة في عقوبة القول الآثم
فقه طاوس في الطلاق
توصية
ثلاثة اجتهادات أفرزها هذا البحث
 ***

الاشهاد على الطلاق :

قد ذكرنا رأينا بوجوب الاشهاد في اثناء الكلام عن سورة الطلاق , و كذلك ذكرنا كلام سعيد بن جبير , في فصل نقض دعوى الاجماع , فلن نعيد ذلك مرة أخرى

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب النكاح
 باب النكاح والطلاق والارتجاع بغير بينة - حديث:‏9960‏
 أخبرنا عبد الرزاق قال : عن ابن جريج قال : " لا يجوز نكاح ، ولا طلاق ، ولا ارتجاع إلا بشاهدين ، فإن ارتجع وجهل أن يشهد وهو يدخل ويصيبها ، فإذا علم فليعد إلى السنة إلى أن يشهد شاهدي عدل

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب النكاح
 باب النكاح والطلاق والارتجاع بغير بينة - حديث:‏9970‏
 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري قال : " إذا لم يشهد على الرجعة حتى تنقضي العدة ثم ادعى الرجعة بعد انقضاء العدة فلا يصدق ، وإن جاء على ذلك أيضا بشهود فلا يصدق " *
و هذا يعني أنه لابد من الاشهاد على الرجعة و إعلام الزوجة و يكون ذلك في العدة

تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري :
ذكروا عن الحسن قال: كان الرجل إذا أراد أن يطلق امرأته استقبل طهرها، ثم دعا شاهدين فأشهدهما على طلاقها واحدة، وقال لها اعتدّي. ثم يلوم نفسه فيما بينه وبين انقضاء عدتها. فإن كان له بها حاجة دعا شاهدين فأشهدهما أنه قد راجعها، وإن لم تكن له بها حاجة تركها حتى تنقضي عدتها، فإن ندم كان خاطباً مع الخطاب. وبلغنا عن ابن مسعود نحو ذلك.

جامع البيان في تفسير القرآن للطبري  - سورة البقرة
 القول في تأويل قوله تعالى : فإن طلقها فلا تحل له - حديث:‏4457‏
 ذكر من قال ذلك حدثنا بشر بن معاذ قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : " جعل الله الطلاق ثلاثا ، فإذا طلقها واحدة فهو أحق بها ما لم تنقض العدة ، وعدتها ثلاث حيض ، فإن انقضت العدة قبل أن يكون راجعها فقد بانت منه ، وصارت أحق بنفسها ، وصار خاطبا من الخطاب ، فكان الرجل إذا أراد طلاق أهله نظر حيضتها ، حتى إذا طهرت طلقها تطليقة في قبل عدتها عند شاهدي عدل ، فإن بدا له مراجعتها راجعها ما كانت في عدتها ، وإن تركها حتى تنقضي عدتها فقد بانت منه بواحدة
إسناد حسن

و القول بعدم وجوب الاشهاد و شرطيته يجعل تبعة إثبات الطلاق على المرأة و يحتم عليها اللجوء للقضاء و السعي لاثبات وقوع الطلاق , و في هذا مضارة للزوجة , و الطلاق بيد الرجل و تبعاته كلها عليه و لا يوجد شئ على المرأة إلا إحصاء العدة
فإن كان الرجل جادا في الطلاق فعليه الالتزام بشروط الطلاق , فلا نجري وراءه لكي يقوم بمهماته لكن هو الذي يجري وراءنا إن كان يريد أن يطلق امرأته

إعلام الزوجة :

سنن سعيد بن منصور  - كتاب الطلاق
 باب من راجع امرأته وهو غائب وهي لا تعلم - حديث:‏1256‏
 حدثنا سعيد قال : نا أبو عوانة ، ومعتمر بن سليمان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : قال عمر بن الخطاب : " إذا طلق الرجل امرأته فأعلمها طلاقها ، ثم راجعها وكتمها الرجعة حتى انقضت العدة ، فلا سبيل له عليها " *

و هو في الموطأ

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب الرجل يكتم امرأته رجعتها - حديث:‏10696‏
 عبد  الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير أن عليا ضرب زوجها والشاهدين في أن كتموها ، إما قال : " الطلاق ، وإما قال : الرجعة " *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب الرجل يكتم امرأته رجعتها - حديث:‏10697‏
 عبد  الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة قال : " قضى علي في رجل طلق امرأته ، وأعلمها الطلاق ، ثم راجع وأشهد ، وأمر الشاهدين أن يكتماها الرجعة حتى مضت عدتها فجاز على الشاهدين ، وكذبهما " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 في الرجل يطلق امرأته ويكتمها ذلك حتى تنقضي العدة - حديث:‏15432‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا عبدة بن سليمان ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس ، أن رجلا طلق امرأته ، وأشهد رجلين في السر ، وقال : اكتما عليه ، حتى انقضت العدة ، فارتفعا إلى علي ، " فاتهم الشاهدين ، وجلدهما ولم يجعل له عليها رجعة " *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب الرجل يكتم امرأته رجعتها - حديث:‏10698‏
 عبد  الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني عمرو بن دينار أن أبا الشعثاء أخبره قال : تماريت أنا ورجل من القراء الأولين في المرأة يطلقها زوجها ، ثم يرتجعها فيكتمها رجعتها حتى تنقضي عدتها قال : فقلت : ليس له شيء قال : فسألنا شريحا فقال : " ليس للأول إلا فسوة الضبع "

سنن سعيد بن منصور
1318 - حدثنا سعيد قال: حدثنا عتاب قال: أخبرنا منصور عن الحسن أنه كان يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثم راجعها في غيب أو مشهد فلم يعلمها الرجعة حتى تنقضي العدة فلا سبيل له عليها

قلت : إن كتمان الطلاق عن المراة أكبر اثراً على المرأة من كتمان الرجعة , لأنها تعيش معه و هي لا تعلم انها مطلقة !
 الصواب أن إعلام الزوجة بطلاقها أو رجعتها – هو شرط صحة , لا يصح الطلاق إلا به , فالله عز وجل أمرها بالتربص للعدة , و أمرها ألا تكتم ما في رحمها – من حمل - , فعدم إعلامها هو خيانة لها و عدم تمكينها من تنفيذ ما أمرها الله به , و استهزاء بكتاب الله

الاجتهاد الصحيح :

هناك خطأ وقع فيه الفقهاء و أكثروا فيه , و هو اعتبار الطلاق لفظ و هذا خطأ و ليس عليه دليل صحيح ! إنما الصحيح أن الطلاق عملية (procedure)  أي مثل الصلاة فهي تحتاج لوضوء قبلها و لنية و لأعمال في داخلها من ركوع و قراءة و قيام و سجود إلى آخر أعمال الصلاة فإذا تمت الأعمال تمت الصلاة
و القرآن يتكلم عن الطلاق كعملية متكاملة متآزرة من عدة أطراف يشتركون فيها

فالطلاق هو "الطلاق وفق الشرع" : في قبل العدة – أي في طهر لم يجامعها فيه – و إشهاد شاهدين و إعلام الزوجة , و بألفاظ واضحة لا شك فيها , و كما لا يصح النكاح إلا بالشاهدين و بمعرفة الزوجة كذلك لا يجوز الطلاق إلا بذلك و كذلك الرجعة تكون بشاهدين و بإعلام الزوجة فإن نقص ركن منها لا يعتد بذلك , فهذه عندي بمثابة أركان و ليس شروط ,  أما ما عدا ذلك فهو لغو يأثم به و لا يقع طلاقا , يشمل ذلك الطلاق في الحيض أو الحلف بالطلاق أو الطلاق ثلاثا كل ذلك لا يعتد به
فتلفظه بالطلاق في طهر و إعلامها و الإشهاد كل ذلك في يوم واحد , فإن تجاوز اليوم فلا طلاق له , مثل من شرع في الشئ و لم يكمله
من اشترط الاشهاد لم يوقت له ! فقد يطلق في طهر لم يمسها فيه و يشهد بعد عام مثلا ! و يخبرها أو يعلمها بعد عامين ! فالتوالي  شرط هو الآخر فلا يزيد الفارق بين التلفظ بالطلاق و الاشهاد و إعلام الزوجة أكثر من يوم (بمعنى يوم و ليلة)
و غفل من اشترط الاشهاد شرط إعلام المرأة !

كل طلاق مشروط بشرط أو معلق أو كوسيلة للحلف أو للتهديد , كل ذلك باطل مناف للشرع و لا يقع , و صاحبه آثم
*

فائدة في أن كل ما هو مخالف للشرع فهو مردود :
 
1-   كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد
    حديث اشتراط الولاية لغير المعتق
2-اخراجه للتمرة من فم الحسن
3-رده لواقعة بيع التمر الردئ بالحسن
4-إلغاء تحريم الرسول – صلى الله عليه و سلم - لجاريته مارية على نفسه
5-رده للسبايا حتى ينظر من رضي ممن لم يرضى
6-رفضه للشهادة على أعطية لولد دون بقية الأولاد
7-رده لزواج الجارية دون موافقتها
8-رده لمن نذرت الحج ماشية ناشرة شعرها
9-عدم تطبيق بنود صلح الحديبية على النساء
10-        عدم ايقاع الظهار
صلى الله عليه و سلم

كل ما سبق يدل على أنه أي عمل افتقد شرطا من شروط الصحة بطل كله , و كذلك الطلاق فالأمر في القرآن للوجوب فالخطوات فيه مثلها مثل الوضوء في القرآن إذا انتقص منه عضو أو جزء من عضو بطل كله

وجوه اختلاف الطلاق عن العتاق :
فالطلاق مكروه أما العتاق فمستحب
العتاق لا ينبني عليه شئ سوى الحرية (وأحيانا الولاء) , أما الطلاق ففيه عدة و متعة و نفقة
العتاق ليس فيه رجعة أما الطلاق ففيه رجعة
الطلاق هو انهاء لعقد اما العتاق فانهاء لملك أو نقل للملكية من  المالك إلى مالك جديد و هو العبد نفسه

و كذا نقول أن طريقة الطلاق – لا الطلاق نفسه – متعبد بها فتكون حكمها حكم العبادات مثل الصلاة و الصيام و الحج لابد من استيفاء شروط صحتها أو أركانها و إلا صارت كالعدم
و لا يحل للرجل أن يطلق ثلاثا في مجلس واحد أو متفرقات على الأطهار , إنما هي مرة بعد مرة , أي يطلقها عن رغبة في الطلاق و يردها عن رغبة في الرجعة ثم يطلقها لو أراد بعد ذلك , فهي فرص لا ألفاظ
أحد أهم أسباب جعل الطلاق في أول العدة ألا يندم الرجل – و تضيع عليه طلقة أو تضيع زوجته بالكلية – إذا تبين حملها ! لأن لو تحرى نزول الدم و انتهاءه تيقن من عدم حملها فإن شاء طلق و إن شاء أمسك
و كذلك لأن المرأة قرب حيضها يتغير خلقها و تستفز الرجل و هناك من يستمر معهن ذلك لفترة الحيض أيضا , فكأن الشرع أراد أن يكون الطلاق خاليا من أي ضغوط , و إعطاء فترة للزوج ليهدأ قبل إيقاع الطلاق انتظارا لقدوم الطهر و ساعتها قد لا يطلق أصلا
ومراعة لمشاعر المرأة بألا يطلقها في حيضها او يطلقها في طهر قد جامعها فيه !
فلقد تركنا و فوتنا مقاصد تفاصيل الطلاق لصالح عقاب الرجل بإيقاع الطلاق البدعي عليه

اهتم الفقهاء بألفاظ الظلاق , و اهتموا بالنية مع أنه من المتفق عليه أن النية لا تصلح العمل الفاسد ! فكيف نصف الطلاق بالبدعي و نقول أنه نافذ ؟

حالات لا يقع فيها لفظ الطلاق :
·     إذا كان من العجم و لا يعلم معنى الكلمة
·     المكره
·     المجنون
·     غير المتزوج
·     اللفظ بعد انقضاء العدة
·     السكران
·     المستثنى
·     المتلفظ بها دون نية (كأن يقرأ من كتاب مكتوب فيه "زوجتي طالق" فهو قالها بنية أنه يقرأ في كتاب بصوت مرتفع)
و هذا يثبت أن الفقه يهدر لفظة الطلاق لأسباب شرعية , أي أن لفظة الطلاق قابلة للإهدار

*إن أوامر الشرع و نواهيه هي إما أخلاقيات و إما تشريعات , فقول الفقهاء أن الاشهاد ليس بواجب و إعلام الزوجة ليس بواجب , و أن طلاقه في الحيض محرم لكنه يقع , يجعل أوامر الله عزو جل في القرآن المتعلقة بالطلاق – عمليا – في خانة الأخلاقيات أو الوعظ أو النصح فقط , في حين أنه من الناحية العملية فالطلاق يحتاج لتشريعات و قوانين تنظيمية ملزمة – لا إختيارية – فهذا يُحدث انفصالاً بين احتياج المجتمع و بين الواقع الفقهي أو إن شئنا الدقة العقلية الفقهية.

التطوير في مناحي الحياة يستلزمه تطويرا في الفقه الاسلامي , فمثلا الفقه القديم يعطي الحاكم سلطات مطلقة دون قيود – إلا من ضميره – و طبيعة الحياة الآن توجب أن توضع قيود تنظم طبيعة العلاقة بين الحاكم و المحكوم , و كذلك وضع قيود تنظم العلاقة بين المطلق و بين زوجته و بينه و بين المجتمع ككل بصفته راع للأسرة كوحدة هامة من وحدات المجتمع , ونؤكد تماما أن أي قيود لابد أن تكون قيودا مستنبطة من الشرع أي لها اصل من الشرع و لا يشترط أن تكون مذكورة صراحة في النصوص الشرعية

*هناك فتاوى معينة قد تكون صحيحة في أصلها لكنها تتحول في المآل إلى تبديل للدين , مثلا فقد رأيت في الصبا من يقضي سنة الفجر القبلية بعد صلاة الصبح – رغم أن الوقت وقت كراهة – و أنا أعلم أن هذا صحيح , لكن عندما يصبح هو الأساس الذي يفعله المصلي كل يوم – لمدة شهور – فساعتها أصبحت بحكم الواقع ليست سنة قبلية و تم أيضا إزالة هيبة عدم الصلاة بعد صلاة الصبح , و هكذا يتم التبديل و التبديد , و هو ما أخشاه من رخصة جواز صلاة القيام من المصحف , فرأينا الحفاظ لا يقرأون من حفظهم و يقرأون من المصحف حتى إذا صار هذا يتسبب في التكاسل عن حفظ القرآن انتقلت هذه الرخصة من الاباحة إلى التحريم , و هو ما تحقق بالفعل في موضوع الطلاق فأصبح الأساس هو الطلاق البدعي و الذي يُدرس في الفقه هو فقه الطلاق البدعي ! و هذا تبديل للدين و لا شك ولا حول و لا قوة إلا بالله , فإيقاع الطلاق البدعي أتى بنتائج عكسية فصارت البدعة هي الأصل و غاب الكلام عن الطلاق المشروع في وسط أطنان من الفتاوى المتعلقة بالطلاق البدعي غير المشروع.

كتاب الله أولا :

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب البيوع والأقضية
 في القاضي ما ينبغي أن يبدأ به في قضائه - حديث:‏22503‏
 حدثنا أبو بكر قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن الشيباني ، عن الشعبي ، عن شريح ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كتب إليه : " إذا جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ، ولا يلفتنك عنه الرجال ، فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها ، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ، وليس فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانظر ما اجتمع الناس عليه فخذ به ، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ، ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت : إن شئت أن تجتهد برأيك وتقدم فتقدم ، وإن شئت أن تتأخر فتأخر ، ولا أرى التأخر إلا خيرا لك " *
إسناد صحيح

السنن الصغرى  - كتاب آداب القضاة
 الحكم باتفاق أهل العلم - حديث:‏5326‏
 أخبرنا محمد بن العلاء ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمارة هو ابن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : أكثروا على عبد الله ذات يوم فقال عبد الله : " إنه قد أتى علينا زمان ولسنا نقضي ، ولسنا هنالك ، ثم إن الله عز وجل قدر علينا أن بلغنا ما ترون ، فمن عرض له منكم قضاء بعد اليوم ، فليقض بما في كتاب الله ، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ، فليقض بما قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم ، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ، ولا قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم ، فليقض بما قضى به الصالحون ، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ، ولا قضى به نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولا قضى به الصالحون ، فليجتهد رأيه ، ولا يقول : إني أخاف ، وإني أخاف ، فإن الحلال بين ، والحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات ، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك " قال أبو عبد الرحمن : " هذا الحديث جيد جيد " *
إسناد صحيح

مشكل الآثار للطحاوي  - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله :
 حديث:‏565‏
 ووجدنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قد حدثنا قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا أبو حمزة ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة قال : ذكر لابن عباس قول ابن مسعود : " إن تزوجت فلانة فهي طالق ، أنه إن تزوجها طلقت " فقال ابن عباس : " ما أظن أنه قال هذا ، ولئن كان قالها فرب زلة من عالم , إن الله عز وجل يقول : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن "
إسناد صحيح (أي أن القرآن ذكر النكاح قبل الطلاق فاستنبط من ذلك ابن عباس أن الطلاق قبل النكاح لا يقع , بل و اعتبر مخالفة ذلك زلة !)
و فيه دليل على أنه متى استبان لك الدليل من القرآن فلا تأخذ بقول أحد

قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء ، فقال : أحججت . قلت : نعم ، قال : بما أهللت . قلت : لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أحسنت ، انطلق ، فطف بالبيت وبالصفا والمروة . ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس ، ففلت رأسي ، ثم أهللت بالحج ، فكنت أفتي به الناس ، حتى خلافة عمر رضي الله عنه فذكرته له ، فقال : إن نأخذ بكتاب الله ، فإنه يأمرنا بالتمام ، وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى بلغ الهدي محله .
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:1724
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

و فيه جواز الاقتصار على كتاب الله – طالما الحكم فيها صريح واضح -

غضب الرسول من مخالفة كتاب الله :

السنن الكبرى للنسائي
(5402)- [5564] أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو رَبِيعٍ ، قَال : أنا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ لَبْيدٍ ، قَالَ : " أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه و سلم - عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا، فَقَامَ غَضْبَانًا، ثُمَّ قَالَ : أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ حَتَّى قَامَ رَجُلٌ، وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا أَقْتُلُهُ؟ " ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : لا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ مَخْرَمَةَ
قلت : رواته ثقات , و رواية مخرمة عن أبيه من كتاب أبيه – و هذا أصح عندي – و عند أهل الحق – من السماع , و محمود بن لبيد صحابي صغير , فهو مرسل صحيح
ابن القيم في زاد المعاد : إسناده على شرط مسلم , ابن كثير في إرشاد الفقيه : إسناده جيد قوي و في التفسير : فيه انقطاع , وصححه الألباني في التعليقات الرضية و تخريج المشكاة و غاية المرام وضعفه في ضعيف النسائي , ابن عثيمين في الشرح الممتع : أقل أحواله أن يكون حسنا وقد صححه جماعة من أهل العلم

مخالفة المقاصد :

المستدرك على الصحيحين للحاكم  - كتاب الطلاق
 حديث:‏2738‏
 حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا أبو غسان محمد بن مطرف المدني ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، أنه قال : جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما ، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا ، فتزوجها أخ له ، من غير مؤامرة منه ، ليحلها لأخيه ، هل تحل للأول ؟ قال : " لا ، الإ نكاح رغبة ، كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " *
إسناد صحيح موقوف
و الجزء ألأخير "كنا نعد هذا سفاحا" في حكم المرفوع , فكلمة "كنا" عائدة على السنة أو على الصحابة – أي هناك احتمال أن يكون مرفوعا , و على أي حال فيستفاد من الحديث أن العمل لو كان موافقا للشرع في الظاهر و كانت النية حسنة , لكن العمل يخالف المقاصد فإن العمل يفقد مشروعيته

إجمال الأدلة :

·     ظاهر القرآن
·     السنة , احد معاني حديث ابن عمر , و مجموع الأحاديث
·     قول عمر بن الخطاب – في انه كان يفكر أن يحمل الناس عل كتاب الله -
·     قول التابعي سعيد بن جبير
·     المصلحة
·     القياس – على العبادات , و على العقود
·     المقاصد
·     الأيسر للناس
·     الأحوط للدين

مخرج فقهي :

فإن كان ما سبق لا يكفي لإقناع البعض فهناك مخرج فقهي لهذا الحال – يضاف في وثيقة الزواج أن الطلاق لا يقع إلا سنيا و بالشهود و بالاعلام وفق كتاب الله – فهو شرط موافق لكتاب الله عند بدء النكاح , فإذا حدث منه تلفظ بالطلاق فلا يقع ,لاتفاقهما ألا يقع إلا وفق الطلاق المسنون
و يذهب المتزوجون بالفعل إلى المأذون ليوقعوا على ملحق لعقد الزواج – أو يوقعوه فيما بينهم مع اثبات الشهود -
 لا يوجد دليل واحد يمكن أن يستند إليه في أنه لا يجوز اشتراط مثل هذا الشرط  و الاتفاق عليه

جواز اشتراط عكس المنطوق :

إنما أنا بشر . وإني اشترطت على ربي عز وجل ، أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته ، أن يكون ذلك له زكاة وأجرا
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2602
خلاصة حكم المحدث: صحيح


 كانت عند أم سليم يتيمة . وهي أم أنس . فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة . فقال " آنت هيه ؟ لقد كبرت لا كبر سنك " فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي . فقالت أم سليم : مالك ؟ يا بنية ! قالت الجارية : دعا علي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر سني . فالآن لا يكبر سني أبدا . أو قالت قرني . فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها . حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " مالك ؟ يا أم سليم ! " فقالت : يا نبي الله ! أدعوت على يتيمتي ؟ قال " وما ذاك ؟ يا أم سليم ! " قالت : زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها . قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قال " يا أم سليم ! أما تعلمين أن شرطي على ربي ، أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر . أرضى كما يرضى البشر . وأغضب كما يغضب البشر . فأيما أحد دعوت عليه ، من أمتي ، بدعوة ليس لها بأهل ، أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة " .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2603
خلاصة حكم المحدث: صحيح

دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان . فكلماه بشيء لا أدري ما هو . فأغضباه . فلعنهما وسبهما . فلما خرجا قلت : يا رسول الله ! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان . قال " وما ذاك " قالت قلت : لعنتهما وسببتهما . قال " أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت : اللهم ! إنما أنا بشر . فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا " .
الراوي: عائشة المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2600
خلاصة حكم المحدث: صحيح


اللهم ! إنما محمد بشر . يغضب كما يغضب البشر . وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه . فأيما مؤمن آذيته ، أو سببته ، أو جلدته . فاجعلها له كفارة ، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2601
خلاصة حكم المحدث: صحيح

كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لأناس من أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة فيقول سلمان : حذيفة أعلم بما يقول فيرجعون إلي حذيفة فيقولون له : قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة ، فقال : فقال يا سلمان ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال سلمان : إن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه أما تنتهي حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال وحتى توقع اختلافا وفرقة ولقد علمت أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : أيما رجل من أمتي سببته أو لعنته في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين فأجعلها عليهم صلاة يوم القيامة . والله لتنتهن أو لأكتبن إلى عمر .
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: الوادعي المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 308
خلاصة حكم المحدث: حسن
الراوي: سلمان الفارسي المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/353
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات


اللهم إني أتخذ عندك عهدا لا تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته أو سببته أو قال لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة وصلاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة
الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: الهيثمي المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/269
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

إني أتغيظ عليكم وأعذركم ثم أدعو الله بيني وبينه اللهم ما لعنتهم أو سببتهم أو تغيظت عليهم فاجعله لهم بركة ورحمة ومغفرة وصلاة فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح
الراوي: سمرة بن جندب المحدث: الهيثمي المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/270
خلاصة حكم المحدث: فيه من لم أعرفهم
قلت : هذا جزء من صحيفة سمرة بن جندب و هي حسنة إن شاء الله – و قد أفردناها بالكلام و الدراسة كما هو موجود على المدونة -

أمثلة أنه لا يوجد فعل أو قول لا يمكن إبطاله أو نافذ مهما حدث :

الصدقة :

بينما نحن عند رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ إذ جاءه رجل بمثل البيضة من الذهب أصابها في بعض المعادن , فجاء بها إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من ركنه الأيمن فقال لرسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ خذها مني صدقة فوالله مالي مال غيرها , فأعرض _ صلى الله عليه وسلم _ : عنه ثم جاء من ركنه الأيسر فقال : مثل ذلك , فجاءه من بين يديه فقال : مثل ذلك فقال _ صلى الله عليه وسلم _ : هاتها مغضبا فحذفه بها فلو أصابه بها لعقره أو أوجعه , ثم قال _ صلى الله عليه وسلم _ : يأتي أحدكم بماله كله لا يملك غيره فيتصدق به ثم يقعد يتكفف الناس إنما الصدقة عن ظهر غني خذه لا حاجة لنا به قال فأخذ الرجل ماله فذهب
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن حجر العسقلاني المصدر: النكت - الصفحة أو الرقم: 1/359
خلاصة حكم المحدث: إسناده ثقات
قلت : إسناده حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق , و قد رواه عنه جمع فالنفس تميل ألا يكون دلسه ,
و صححه الحاكم و ذكره ابن خزيمة في صحيحه و ابن حبان في صحيحه و احتج به ابن حزم في المحلى

اليمين :

صحيح مسلم  - كتاب الأيمان
 باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها  - حديث:‏3200‏
 وحدثني زهير بن حرب ، حدثنا ابن أبي أويس ، حدثني عبد العزيز بن المطلب ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه " ، وحدثني القاسم بن زكريا ، حدثنا خالد بن مخلد ، حدثني سليمان يعني ابن بلال ، حدثني سهيل ، في هذا الإسناد بمعنى حديث مالك : " فليكفر يمينه ، وليفعل الذي هو خير " *

العتق :

رد النبي للعتق المخالف :
أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ، ولم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فغضب من ذلك ! وقال : لقد هممت أن لا أصلي عليه . ثم دعا مملوكيه ، فجزأهم ثلاثة أجزاء ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين ، وأرق أربعة
الراوي: عمران بن حصين المحدث: الألباني المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 1957
خلاصة حكم المحدث: صحيح

أن رجلا أعتق عبدا له ، ليس له مال غيره ، فرده النبي صلى الله عليه وسلم ، فابتاعه منه نعيم بن النحام .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2415
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

أعتق رجل غلاما له عن دبر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتريه مني . فاشتراه نعيم بن عبد الله ، فأخذ ثمنه فدفعه إليه .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2403
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

 بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحابه أعتق غلاما له عن دبر ، لم يكن له مال غيره ، فباعه بثمانمائة درهم ، ثم أرسل بثمنه إليه .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7186
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

 أعتق رجل من بني عزرة عبدا له عن دبر . فبلغ ذلك رسول صلى الله عليه وسلم فقال : " ألك مال غيره " فقال : لا . فقال : " من يشتريه مني ؟ " فاشتراه نعيم بن عبدالله العدوي بثمانمائة درهم . فجاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه . ثم قال : " إبدأ بنفسك فتصدق عليها . فإن فضل شيء فلأهلك . فإن فضل عن أهلك شيء فلذى قرابتك . فإن فضل عن ذى قرابتك شيء فهكذا وهكذا " يقول : فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 997
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بالجعرانة ، بعد أن رجع من الطائف ، فقال : يا رسول الله ! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام . فكيف ترى ؟ قال ( اذهب فاعتكف يوما ) . قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه جارية من الخمس . فلما أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا الناس ، سمع عمر بن الخطاب أصواتهم يقولونأعتقنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ما هذا ؟ فقالواأعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا الناس . فقال عمر : يا عبدالله ! اذهب إلى تلك الجارية فخل سبيلها .
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1656
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فردهم ليعلم من سمح ممن لم يسمح , و هذا رد للشئ حتى يستقيم وفقا للشرع

و العقلية الفقهية لطالما كان فيها تشابه الطلاق مع العتق , فها هو رسول الله – صلى الله عليه و سلم – يلغي العتق في أكثر من حال

النذر :

صحيح البخاري  - كتاب الأيمان والنذور
 باب النذر فيما لا يملك وفي معصية - حديث:‏6337‏
 حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه فقالوا : أبو إسرائيل ، نذر أن يقوم ولا يقعد ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، ويصوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مره فليتكلم وليستظل وليقعد ، وليتم صومه " قال عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم *

صحيح مسلم  - كتاب النذر
 باب في كفارة النذر - حديث:‏3188‏
 وحدثني هارون بن سعيد الأيلي ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأحمد بن عيسى ، قال يونس : أخبرنا ، وقال الآخران : حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفارة النذر كفارة اليمين " *

صحيح البخاري  - كتاب الحج
 أبواب المحصر وجزاء الصيد -  باب من نذر المشي إلى الكعبة
 حديث:‏1776‏
 حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، أن ابن جريج ، أخبرهم قال : أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، أن يزيد بن أبي حبيب ، أخبره أن أبا الخير ، حدثه عن عقبة بن عامر ، قال : نذرت أختي أن تمشي ، إلى بيت الله ، وأمرتني أن أستفتي لها النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيته ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لتمش ، ولتركب " ، قال : وكان أبو الخير لا يفارق عقبة ، قال أبو عبد الله : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن أيوب ، عن يزيد ، عن أبي الخير ، عن عقبة ، فذكر الحديث *
قلت : رغم أنها لم تنذر معصية ! فالمشي مباح !

سنن الترمذي  الجامع الصحيح  - الذبائح
 أبواب النذور والأيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -  باب
 حديث:‏1505‏
 حدثنا محمود بن غيلان قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله بن زحر ، عن أبي سعيد الرعيني ، عن عبد الله بن مالك اليحصبي ، عن عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله ، إن أختي نذرت أن تمشي إلى البيت حافية غير مختمرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " " إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا ، فلتركب ، ولتختمر ، ولتصم ثلاثة أيام " " وفي الباب عن ابن عباس : هذا حديث حسن ، والعمل على هذا عند أهل العلم ، وهو قول أحمد ، وإسحاق *
إسناد حسن

فها هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبطل الصدقة و أبطل اليمين و أبطل العتق و أبطل النذر – حال مخالفة الشرع - , فأصبح لا يوجد في الفقه شئ لا يمكن رده إلا لفظة الطلاق !! فما الذي يمنع أن نبطل فعل هذه الكلمة طالما خرجت مخالفة للشرع ؟!

عقوبة القول الآثم :

صحيح البخاري  - كتاب الأدب
 باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا - حديث:‏5762‏
 حدثني إسحاق ، أخبرنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا الزهري ، عن حميد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حلف منكم ، فقال في حلفه : باللات والعزى ، فليقل : لا إله إلا الله ، ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك ، فليتصدق " *

فمن استخدم لفظ الطلاق في غير مكانه و بغير الطريقة المشروعة , فعليه أن يستغفر و يتصدق أو يصوم

فقه طاوس في الطلاق :
هذا الفصل جمعت فيه أقوال طاوس في الطلاق حتى يتبين لنا فقهه , لأن ابن تيمية و من بعده ابن القيم فهموا أن طاوس لا يوقع الطلاق الطلاق البدعي اعتمادا على رواية طاووس "كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق" , فآثرت جمع أقواله في مكان واحد ليتبين لنا حقيقة موقف طاوس

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب وجه الطلاق  - حديث:‏10594‏
 عبد  الرزاق ، عن ابن جريج ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، أنه كان يقول : " وجه الطلاق أن يطلقها طاهرا من غير جماع ، وإذا استبان حملها " *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب وجه الطلاق  - حديث:‏10596‏
 عبد  الرزاق ، عن ابن جريج ، عن ابن طاوس ، عن أبيه أنه كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق ووجه العدة ، وأنه كان يقول : " يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها " *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب طلاق البكر - حديث:‏10734‏
 عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني حسن بن مسلم ، عن ابن شهاب ، أن ابن عباس قال : " إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ، ولم يجمع كن ثلاثا " قال : فأخبرت ذلك طاوسا قال : فأشهد ما كان ابن عباس يراهن إلا واحدة *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 ما قالوا في الرجل : يطلق امرأته وهي حائض ؟ - حديث:‏14223‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا ابن علية ، عن ليث ، عن طاوس قال : " إذا طلق الرجل المرأة ، وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 ما قالوا في طلاق السنة ما ومتى يطلق ؟ - حديث:‏14203‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا ابن إدريس ، عن ليث ، عن طاوس قال : " إذا طلقها في طهر قد جامعها فيه ، لم تعتد فيه بتلك الحيضة " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 ما يستحب من طلاق السنة  - حديث:‏14210‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا سفيان بن عيينة ، عن هشام بن حجير  ، عن طاوس قال : " طلاق السنة : أن يطلق الرجل امرأته طاهرا في غير جماع ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها " *

تفسير عبد الرزاق  - سورة الطلاق
 حديث:‏3138‏
 نا عبد الرزاق عن معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , في قوله تعالى : فطلقوهن قال : " إذا أردت الطلاق فطلقها حين تطهر , قبل أن تمسها تطليقة واحدة , ولا ينبغي لك أن تزيد عليها حتى تخلو ثلاثة قروء , فإن واحدة تبينها , هذا طلاق السنة " *

سنن أبي داود  - كتاب الطلاق
 أبواب تفريع أبواب الطلاق -  باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث
 حديث:‏1893‏
 حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن غير واحد ، عن طاوس ، أن رجلا ، يقال له : أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس ، قال : أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ، جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وصدرا من إمارة عمر ؟ ، قال ابن عباس : بلى ، " كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ، جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وصدرا من إمارة عمر ، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها ، قال : أجيزوهن عليهم " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 من قال : ترثه ما دامت في العدة منه إذا طلق - حديث:‏15473‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا عبد الرحمن ، عن حسن ، عن ليث ، عن طاوس ، في الرجل طلق امرأته ثلاثا في مرضه ، قال : " ترثه ما دامت في العدة " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 ما قالوا : إذا طلق امرأته ثلاثا  - حديث:‏14347‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا محمد بن بشر قال : نا سعيد ، عن قتادة ، عن طاوس ، وعطاء ، وجابر بن زيد ، أنهم قالوا : " إذا طلقها ثلاثا قبل أن يدخل بها فهي واحدة " *

مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الطلاق
 ما قالوا : إذا طلق امرأته ثلاثا  - حديث:‏14345‏
 حدثنا أبو بكر قال : نا إسماعيل ابن علية ، عن ليث ، عن طاوس ، وعطاء ، أنهما قالا : " إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ، قبل أن يدخل بها فهي واحدة " *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب المطلق ثلاثا - حديث:‏10984‏
 عبد  الرزاق ، عن معمر قال : أخبرني ابن طاوس ، عن أبيه قال : كان ابن عباس إذا سئل عن رجل يطلق امرأته ثلاثا قال : " لو اتقيت الله جعل لك مخرجا " ، ولا يزيده على ذلك *

مصنف عبد الرزاق الصنعاني  - كتاب الطلاق
 باب طلاق البكر - حديث:‏10738‏
 عبد  الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس قال : سئل عكرمة عن رجل طلق امرأته بكرا ثلاثا قبل أن يدخل بها ، فقال : " إن كان جمعها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وإن كان فرقها فقال : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، فقد بانت بالأولى ، وليست الثنتان بشيء " قال : فذكرت ذلك لأبي ، فقال : " سواء ، هي واحدة على كل حال " *

و مما سبق يمكن أن نستنتج أن فقه طاوس في الطلاق كان كالآتي :
*طلاق السنة عند طاوس هو : إذا أراد أن يطلق الرجل زوجته فعليه أن يطلقها طاهرا قبل أن يجامعها , أو حاملا , طلقة واحدة و ينتظر ثلاث حيضات – فترة العدة – و لا يطلق طلقة أخرى في أثناء العدة.
*إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا قبل أن يدخل بها فإنها تقع واحدة – تحتسب طلقة واحدة –
*طلاق الرجل لزوجته ثلاثا بعد الدخول – كان طاوس متوقف فيه – أي يقول أنه حرام و لا يفتي بوقوعه أو عدم و قوعه
*طلاق الرجل لامرأته في الحيض أو طهر مسها فيه – يقع – و لا يعتد بالحيضة التي تم فيها الطلاق من ضمن الثلاث حيضات المطلوبة لاتمام العدة
*حديث طاوس عن أبي الصهباء – في صحيح مسلم و غيره – أن الطلاق ثلاث كان يقع واحدة في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى سنتين من إمارة عمر , المقصود به هو طلاق البكر – أي غير المدخول بها – لقرينتين : الأولى الرواية التي ذكرناها – رواية سنن أبي داود – عن أيوب عن غير واحد , و مذكور فيها صراحة طلاق البكر , فكلمة عن غير واحد أحيانا يذكرها الراوي إذا كان سمع الحديث من أكثر من واحد فالظن أن يكون واحد فيهم على الأقل ثقة , و لو كان صرح بإسم الراوي لاعتبرنا الرواية دليلا كافيا – لا قرينة فقط - , و القرينة الثانية هي أن فتاوى غالبية تلامذة ابن عباس بايقاع الطلاق ثلاثا واحدة في الغير مدخول بها , فلو كانت الرواية هي في المدخول بها لقال به واحد على الأقل من تلامذة ابن عباس – لكن هذا لم يحدث.
و هذا الفصل لتوضيح استشهاد خاطئ بقول طاوس , و ليعلم القارئ أننا لا نستخدم دليلاً إلا ونحن مطمئنين لصحته و قوته.

توصية :

بعمل حملة إعلامية للتعريف بكيفية الطلاق السني و فقا للقرآن , يوميا لمدة شهر في كل وسائل الإعلام

و مضمونها بسيط سهل – دون تطويل او تفصيل حتى لا يتوه الناس -  :
من يريد أن يطلق زوجته فعليه أن يتحرى فراغ زوجته من الحيض و لا يجامعها بعد أن طهرت وليأتي بشاهدين و يذهب بزوجته مع الشاهدين إلى الموثق – المأذون – و يطلقها أمام الموثق و الشاهدين , و ما عدا ذلك فهو آثم و غير موافق للشرع

و في ذلك إن شاء الله ما يقلل الطلاق , فإن العلماء لم يعلموا الناس دينهم , و الناس متى علمت فسيتبع أغلبهم الشرع الحنيف – بإذن الله -

اجتهادات في الطلاق
و قد أفرز هذا البحث ثلاثة اجتهادات في الطلاق :
و هذه الاجتهادات الثلاثة مستقلة عن بعضها , و إن كان من الممكن أن يعمل بها معاً

الاجتهاد الأول :

 وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً   الأحزاب 37

في التفسير الكبير المنسوب للإمام الطبراني
أو كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل لأبي بكر الحدَّاد اليمني الحنفي , المشهور بتفسير الحداد :
 قضَاءُ الوَطْرِ في اللُّغة: بُلُوغُ مُنْتَهَى مَا فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّيْءِ، يقالُ: قَضَى وَطْراً منها؛ إذا بَلَغَ ما أرادَ مِن حاجتهِ فيها، ثم صارَ عبارةً عن الطَّلاقِ؛ لأنَّ الرجُلَ إنَّما يطلِّقُ امرأتَهُ إذا لَم يبقَ له فيها حاجةٌ.

وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ    البقرة 227

 وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ  البقرة 235

عزم الطلاق و عزم النكاح
العزم هو إرادة الشئ مع التصميم

تعريف الطلاق : هو تنفيذ قرار بإنهاء حالة الزوجية لأسباب يقدرها الرجل تعبيرا عن رغبة حقيقية في الانفصال
تعريف الطلاق عند الفقهاء : هو كلمة (أو لفظة ينطقها) يقولها الرجل في اي وقت يشاء بسبب أو بدون سبب

 وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ   البقرة 228

و حق الرجعة بيد الرجل في أثناء العدة لأسباب ظهرت له في أثناء فترة التربص ينتج منها أن يغلب على ظنه أن استمرارية الزواج ستكون بالمعروف – أي لأمر تكشف له مما دعاه لتغيير رأيه –

فالطلاق بأسباب و الرجعة بأسباب

"أي أن الطلاق ليس هو التلفظ بألفاظ الطلاق , لكن الطلاق الذي يقع هو الذي يعبر عن رغبة حقيقة في إنهاء حالة الزوجية من قبل الزوج و التلفظ بالطلاق هو مجرد إعلان لهذه الرغبة ولهذا القرار – المتأني - , و علامة هذه الرغبة أنك إذا سألته قبل ساعة من التلفظ بلفظ الطلاق هل تنوي طلاق امرأتك بعد ساعة ؟ يجيب نعم لقد قررت ذلك و سأنفذه بعد ساعة"

 وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ  التوبة 64
فالإرادة الحقيقة لها أفعال سابقة على الفعل
فيكون الطلاق عن عزم – حقيقي – بعد أن يكون انتهت رغبته – و وطره – من زوجته
فلا طلاق لغضبان – مهما كانت درجة الغضب (ضئيلة أو كبيرة لا فرق) - , و لا طلاق لهازل و لا طلاق إثر مشادة و لا طلاق معلق و لا طلاق لسكران و لا طلاق لمكره و لا طلاق مشروط و لا يمين طلاق – كل هذا و أشباهه لا يقع – فالطلاق ليس وسيلة تهديد و لا وسيلة تأديب و لا وسيلة إظهار غضب , إنما الطلاق هو ما كان رغبة و قرار ناتج عن إرادة استمرت لفترة – معقولة – و هذه الرغبة جازمة في انهاء حالة الزوجية

حلية الأولياء  - سفيان الثوري
 حديث:‏10003‏
 حدثنا أبو بكر الطلحي ، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، وعبيد بن غنام ، قالا : حدثنا ابن نمير ، قال : وذكر عبيد الله الأشجعي , عن سفيان ، عن أبي غسان محمد بن مطرف , عن عمر بن نافع ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه سأله رجل عن رجل ، فارق امرأته , وأنه تزوجها ولم يأمرني ولم أعلمه , فقال ابن عمر : " لا , إلا نكاح رغبة , إن رضيت أمسكت , وإن كرهت فارقت , كنا نعد هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحا "
إسناد صحيح موقوف
فالنكاح لابد أن يكون عن رغبة , و الطلاق يكون بسبب أن هذه الرغبة زالت , و كما نرى في هذا الحديث أنه رغم أن هذا الزواج مكتمل الأركان إلا أنه ليس عن رغبة حقيقية فأصبح هذا النكاح باطلاً , فقياساً أيضا لابد أن يكون الطلاق طلاق "عدم رغبة" أو "انتهاء وطر" لا عن حالة مزاجية أو ما شابه


ملحق :
هل هناك من فهم – العزم – المذكور في القرآن كما فهمته ؟
نعم :

تفسير الراغب الأصفهاني :
قوله- عز جل:
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الآية: (227) - سورة البقرة.
دواعي الإنسان إلى الفعل على مراتب أولها السابح، ثم الخاطر، تم التخيل والتفكر فيه، ثم الإرادة، ثم الهمة، ثم العزم، فالهمة إجماع من النفس على الأمر وإزماع عليه، والعزم هو العقد على إمضائه، ولهذا قال- عز وجل- {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}

تفسير النيسابوري
وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ بان عقدوا القلب على حل رابطة النكاح

تفسير العثيمين
قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق} أي قصدوه بعزيمة تامة

زاد المعاد لابن القيم
الْعَزْمُ هُوَ إِرَادَةٌ جَازِمَةٌ لِفِعْلِ الْمَعْزُومِ عَلَيْهِ أَوْ تَرْكِهِ

دروس للشيخ الألباني
الطلاق من شرطه بنص القرآن العزم، قال الله: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:227] فلابد من العزم



الاجتهاد الثاني :

أن من تلفظ بكلمة الطلاق, فله أن يرجع في طلاقه – أي لا تحتسب طلقة – بشرط موافقة الزوجة على ذلك , أي إن وافقت الزوجة على الغاء الطلقة أو عدم احتسابها تلغى هذه الطلقة و لا تحتسب
قياسا على من قال أن الخلع فسخ و ليس طلاق – أي لا تحتسب طلقة – (المقصود أنه ليس كل فرقة تقع طلاقا) فكذلك لو ردت المرأة له طلقته لم تحتسب بشرط ألا يكون قد أشهد أو وثق الطلاق (لأن الاشهاد أو التوثيق يدخل طرفا ثالثا  وهو الدولة أو القاضي , فيرفع أمرهما للقضاء ليحكم فيه وفق القانون)
و أخذا لمعنى الطلاق في الآية – الطلاق مرتان -  أي إتمام الطلاق بمعنى فراغها من العدة (أي من أتم تطليق زوجته ثلاث مرات بإنتهاء العدة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره) , فإن قال أحد ما الفرق بينها و بين الرجعة , قلنا له الرجعة عليها دون موافقتها – في أثناء العدة – لكن لو وافقت فلا تحتسب طلقة لأن الطلاق لم يتم , لأن عدد الطلاق شرع لحفظ المرأة , فالطلاق حق للرجل فإذا تلفظ به صار الأمر بيدها , كأنه خيَّرها
و نكرر أن معنى " الطلاق مرتان " مرتبطة بـ "فإمساك بمعروف" أي إمساك دون إرادتها "أو تسريح بإحسان" إتمام الفرقة بإرادة الزوج المنفردة , فهذا العدد ليس منسوبا للطلاق بشكل مطلق لكن للطلاق المصحوب إما بإمساك – و ما فيها من معنى إرادة الابقاء لدى الزوج بشكل منفرد – و إما بتسريح – أي إيقاع و إتمام للفرقة
و قياسا على العتق – فهو أطلقها فلها أن تعود لعصمته
 و اعتبار الزواج عقدا بين الزوجين فلهما أن يفسخاه بالاتفاق بينهما فلا تحتسب طلقة , أو أن تطلب من زوجها الطلاق فيطلقها و يعطيعها حقوقها , أو يطلقها الرجل برغبة منفردة منه – ثلاث مرات متفرقة – و له الرجعة دون رغبتها مرتان , و لها أن تختلع نفسها منه فترد له المهر – الفداء -  فيكون طلاقا على رأي من يعده طلاقا (فكأنها اشترت منه تطليقة) أو فسخا على من يعده فسخا (و الخلع عندي فسخ إذا وصل للقاضي , أمّا لو لم يصل إليه فهو طلقة بائنة)
فعقدة النكاح بيد زوج فإن تلفظ بالطلاق صارت المرأة بالخيار , فالمرأة شريكة في عقد النكاح من أوله , و آية "إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح" جعلت المرأة شريكة في القرار
و أيضا الآية التالية جعلتها شريكة في صنع القرار و عقد اتفاقات :
 وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً    النساء 128

و قياسا على البيع – عقد – البيعان بالخيار ما لم يتفرقا

و كل الأحاديث النبوية التي فيها ذكر الطلاق كانت الطلاق فيه رغبة و تصميم من جانب الزوج , فلم يأت زوج واحد ليطلب من الرسول – صلى الله عليه وسلم – مخرجا ليرد به امرأته (عدا حديث ركانة – بسند ضعيف – و رد الرسول عليه امرأته على اختلاف في سبب الفتوى بين رواية ركانة و بين رواية ابن عباس و كلا الروايتين بسند ضعيف) , و كل ما ورد في رغبة المرأة للعودة لزوجها كان الزوج فيها غير مريد للرجعة , ما عدا حالة الظهار – , و قد جعل الله لهما مخرجا عندما كانت الرغبة مشتركة في العودة - ,

 فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ  البقرة 230
فالآية لم تقل : فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره , إنما أضافت "من بعد" فإن جعلنا معناها "من بعد التطليقة أو من بعد ذلك "  صارت إضافة بلا معنى جديد – إلا التوكيد - , لكن يمكن أن يكون معناها "من بعد العدة" , فعلى هذا المعنى فلهما أن يصطلحا في العدة – إن أرادت الزوجة –

"إذا تلفظ الرجل بطلاق زوجته فله أن يراجعها دون رغبتها مادامت في العدة و تحتسب في هذه الحالة طلقة واحدة , و كذلك تحتسب طلقة واحدة إذا لم يراجعها في العدة و انقضت العدة , و في أثناء العدة للرجل و للمرأة أن يصطلحا برغبة مشتركة – بالتراضي الكامل – فلا تحتسب هذه الطلقة من الطلقات الثلاث – أي تصبح طلقة ملغاة - , و هذا الاجتهاد يعتبر الطلقات الثلاث هي ما كانت عن إرادة منفردة للزوج في الطلاق و الرجعة"

فللزوج أن ينفذ طلاق زوجته ثلاث مرات بإرادة منفردة , و له أن يرجعها مرتين فقط بإرادة منفردة
الناسخ والمنسوخ للنحاس :
"الطلاق مرتان" أي الطلاق الذي تملك معه الرجعة
تفسير الطبري :
تأويل الآية : الطلاق الذي لأزواج النساء على نسائهم فيه الرجعة مرتان

و الله تعالى أعلى و أعلم

الاجتهاد الثالث :

أن للطلاق أركانا – أو شروط الصحة – لا يقع الطلاق إلا بتحققها كلها :

1-            التلفظ بالطلاق – أو أي وسيلة تعبير واضحة صريحة – مثل طالق أو اعتدي , أو الكتابة
2-            إعلام الزوجة – كي تعتد أو تتربص –
3-            الطلاق للعدة , أي في قُبًل العدة – أي في الأسبوع الأول – أو العشر أيام الأولى – من طهر لم يجامعها فيه
(لأن الطهر حوالي اثنين و عشرين يوماً , فالطلاق يكون في قُبُل العدة , فلو اعتبرنا أن هناك  قُبُل و دُبُر فيكون القُبُل عشرة أيام تقريبا , و لو اعتبرنا أن الطهر له قُبُل و وسط و دُبُر , فيكون الثلث الأول هو القُبُل – أي أسبوع , و الطلاق للعدة أي في أول العدة)
4-            الاشهاد على الطلاق – بأن يشهد شاهدي عدل – و في عصرنا شاهدين مع التوثيق على أن يتأكد الموثق من أن الزوجة قد تم إعلامها
5-            الموالاة : أي أن تتم كل الأركان السابقة في مدة أقصاها يوم و ليلة , لتتمكن المرأة من الاعتداد بشكل صحيح  , فيما عدا حالة سفر الزوج
فهم على الحقيقة أربعة أركان على أن تتم هذه الأركان في توقيت متقارب أقصاه يوم و ليلة
و بدون تحقق هذه الشروط و الأركان لا يقع الطلاق , و على الزوج إن أراد أن يطلق أن يستوفيها جميعا
فمن لم يأت بالطلاق على وجهه الصحيح فطلاقه لا يقع , و نحن نلزمه بآيات الله حتى لا نتخذ آيات الله مهجورا

و هذا الاجتهاد ينبني عليه ثلاثة تفريعات :
1-   للدولة أن تتبنى هذا الاجتهاد و تفرضه كقانون على رعاياها , فولي الأمر هو الطرف الثالث في مثلث الطلاق – و هذا هو الأشد وثوقاً
2-   للأفراد – أي الزوجين - أن يضيفوا ملحقاً لعقد الزواج , أو في عقد منفصل , أن الطلاق لا يقع إلا سنيّاً وفق كتاب الله – في أول الطهر و بإعلام الزوجة مع الاشهاد – و هو شرط جائز – بلا شك عندي – و يجنب الزوجين المشاكل المستقبلية –
3-   يجوز الافتاء بهذا الرأي لمن صدر منه لفظ الطلاق مخالفا أو ناقصاً للأركان المذكورة


و الحمد لله رب العالمين

انظر أيضا :
سرد لأسماء وأقوال العلماء المعاصرين الذين جعلوا الاشهاد شرطا لوقوع الطلاق

تحديث :
بعد الفراغ من البحث بمدة , فكرت في مراجعة كتاب المحلى لابن حزم الأندلسي و تتبع رأيه  و موقفه من الإشهاد في الطلاق و غيره من مسائل الطلاق - لكن بطول كتابه و ليس في كتاب الطلاق فقط , ومحاولة تلمس رأيه عن طريق التجميع , و قد ظهر لي بعد الجمع ما يسر الخاطر و يطمئن له القلب و العقل و نشرته هنا في هذا الرابط :

نظرة على فقه الطلاق عند ابن حزم
 

تابعونا على تويتر

Translate