الاثنين، 30 يناير 2012

نظرة على فقه الطلاق عند ابن حزم




هذه رسالة قصيرة – لإظهار بعض الجوانب في فقه الطلاق عند ابن حزم , و أهمية هذه الرسالة تكمن في أن العديد من فقراتها موجودة في غير مظانها في كتاب المحلى لابن حزم , و أيضا تظهر الفائدة في تجميع العديد من الفقرات – المتناثرة في الكتاب - حول نفس الموضوع
و قد تخففت فلم أعزو الفقرات لمكانها في المحلى – و يكفي القارئ أن يقتطع ما يريد معرفة موضعه من المحلى و يضعه في محرك البحث – جوجل – فيجد الموضع بسهولة و يسر
و ما هو مكتوب باللون البني فهو من كلامي و ما عداه فهو من كلام ابن حزم

رده على إدعاء الإجماع بوقوع الطلاق في الحيض (الطلاق البدعي) :

ثم اختلف الناس في الطلاق في الحيض إن طلق الرجل كذلك، أو في طهر وطئها فيه، هل يلزم ذلك الطلاق أم لا‏.‏
قال أبو محمد‏:‏ ادعى بعض القائلين بهذا أنه إجماع‏.‏
قال أبو محمد‏:‏ وقد كذب مدعي ذلك، لأن الخلاف في ذلك موجود، وحتى لو لم يبلغنا لكان القاطع على جميع أهل الإسلام بما لا يقين عنده به، ولا بلغه عن جميعهم‏:‏ كاذبا على جميعهم‏.‏

اشتراطه الاشهاد لصحة الطلاق و صحة الرجعة :

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُرَاجِعًا لَهَا حَتَّى يَلْفِظَ بِالرَّجْعَةِ وَيُشْهِدَ، وَيُعْلِمَهَا بِذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَلَيْسَ مُرَاجِعًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَرَّقَ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الْمُرَاجَعَةِ، وَالطَّلَاقِ وَالْإِشْهَادِ، فَلَا يَجُوزُ إفْرَادُ بَعْضِ ذَلِكَ عَنْ بَعْضٍ، وَكَانَ مَنْ طَلَّقَ وَلَمْ يُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، أَوْ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، مُتَعَدِّيًا لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.


1979 - مسألة‏:‏ ومن أيقنت امرأته أنه طلقها ثلاثا، أو آخر ثلاث أو دون ثلاث، ولم يشهد على مراجعته إياها حتى تمت عدتها ثم أمسكها معتديا‏:‏ ففرض عليها أن تهرب عنه إن لم تكن لها بينة فإن أكرهها فلها قتله دفاعا عن نفسها، وإلا فهو زنى منها إن أمكنته من نفسها وهو أجنبي كعابر السبيل فحكمه في كل شيء حكم الأجنبي‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ إلَى آخِرِهَا وَقْتًا لِرَدِّهِ إيَّاهَا وَلِإِمْسَاكِهِ لَهَا، وَلَا قَوْلَ أَصَحَّ مِنْ قَوْلٍ صَحَّحَهُ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ مِنْ الْمُخَالِفِ وَالْمُوَالِفِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ إنْ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، أَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا - غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا - وَقَدْ طَلَّقَهَا وَأَعْلَمَهَا وَأَشْهَدَ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا بِابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِوَلِيٍّ، وَإِشْهَادٍ وَصَدَاقٍ مُبْتَدَأٍ - سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ - فَإِنْ أَتَاهَا الْخَبَرُ - وَهِيَ بَعْدُ فِي الْعِدَّةِ - فَهِيَ رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ.


وفي موضع آخر :

ومن لم يطلق كما أمره الله تعالى فلم يطلق أصلا‏.

 
اشتراطه إعلام الزوجة بالرجعة كشرط لصحة الرجعة :

فَالرَّجْعَةُ - هِيَ الْإِمْسَاكُ، وَلَا تَكُونُ - بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِمَعْرُوفٍ وَالْمَعْرُوفُ - هُوَ إعْلَامُهَا، وَإِعْلَامُ أَهْلِهَا، إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً - فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهَا لَمْ يُمْسِكْ بِمَعْرُوفٍ، وَلَكِنْ بِمُنْكَرٍ، إذْ مَنَعَهَا حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ: مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ، وَالْإِسْكَانِ، وَالْقِسْمَةِ فَهُوَ إمْسَاكٌ فَاسِدٌ بَاطِلٌ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِإِعْلَامِهَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَعْرُوفٍ.
وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا يَكُونُ " الْبَعْلُ " أَحَقَّ بِرَدِّهَا إنْ أَرَادَ إصْلَاحًا - بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَمَنْ كَتَمَهَا الرَّدَّ، أَوْ رَدَّ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهَا، فَلَمْ يُرِدْ إصْلَاحًا بِلَا شَكٍّ، بَلْ أَرَادَ الْفَسَادَ، فَلَيْسَ رَدًّا وَلَا رَجْعَةً أَصْلًا.


بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ إلَى آخِرِهَا وَقْتًا لِرَدِّهِ إيَّاهَا وَلِإِمْسَاكِهِ لَهَا، وَلَا قَوْلَ أَصَحَّ مِنْ قَوْلٍ صَحَّحَهُ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ مِنْ الْمُخَالِفِ وَالْمُوَالِفِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ إنْ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، أَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا - غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا - وَقَدْ طَلَّقَهَا وَأَعْلَمَهَا وَأَشْهَدَ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا بِابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِوَلِيٍّ، وَإِشْهَادٍ وَصَدَاقٍ مُبْتَدَأٍ - سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ - فَإِنْ أَتَاهَا الْخَبَرُ - وَهِيَ بَعْدُ فِي الْعِدَّةِ - فَهِيَ رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ.

اشتراطه إعلام الزوجة بالطلاق كشرط لصحة الطلاق :

1966 - مسألة‏:‏ ومن طلق امرأته وهو غائب‏:‏ لم يكن طلاقا، وهي امرأته كما كانت، يتوارثان إن مات أحدهما، وجميع حقوق الزوجية بينهما سواء كانت مدخولا بها أو غير مدخول بها ثلاثا أو أقل إلا حتى يبلغ إليها، فإذا بلغها الخبر من تصدقه أو بشهادة تقبل في الحكم فحينئذ يلزمها الطلاق إن كانت حاملا أو طاهرا في طهر لم يمسها فيه‏.‏

وبالضرورة يوقن كل ذي حس سليم أن من طلقها فلم يبلغها الطلاق فقد ضارها، ومضارتها حرام، ففعله مردود باطل، والمعصية لا تنوب عن الطاعة، وبالضرورة يوقن كل أحد أن من فعل ذلك فلم يسرحها سراحا جميلا، ومن لم يطلق للعدة، ولم يحص العدة فلم يطلق كما أمره الله تعالى، ومن لم يطلق كما أمره الله تعالى فلم يطلق أصلا‏.‏

ولم نقل قط‏:‏ إنه لا يلزمها الطلاق إذا بلغها وسنذكر إن شاء الله تعالى في ‏"‏ باب العدد ‏"‏ من قال من السلف‏:‏ إن من طلقها زوجها وهو غائب فإنها لا تلزمها العدة، إلا من حين يبلغها الخبر‏.‏ وهذا يدل على أنها لم يلزمها الطلاق إلا من حين لزمتها العدة، لا قبل ذلك، إذ لا يجوز في دين الإسلام أن يحال بزمان بين الطلاق وبين أول عدتها‏.‏ ولا يجوز أن تكون امرأة ذات زوج موطوءة منه خارجة عن الزوجية بطلاقه، وفي غير عدة هذا خلاف القرآن والسنة

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ مِنْ أَوَّلِ الْعِدَّةِ إلَى آخِرِهَا وَقْتًا لِرَدِّهِ إيَّاهَا وَلِإِمْسَاكِهِ لَهَا، وَلَا قَوْلَ أَصَحَّ مِنْ قَوْلٍ صَحَّحَهُ الْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ مِنْ الْمُخَالِفِ وَالْمُوَالِفِ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ إنْ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، أَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا - غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا - وَقَدْ طَلَّقَهَا وَأَعْلَمَهَا وَأَشْهَدَ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا بِابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِوَلِيٍّ، وَإِشْهَادٍ وَصَدَاقٍ مُبْتَدَأٍ - سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ - فَإِنْ أَتَاهَا الْخَبَرُ - وَهِيَ بَعْدُ فِي الْعِدَّةِ - فَهِيَ رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ.

و ما تحته خط في الفقرة السابقة – هي جملة خفية – تظهر أن ابن حزم يشترط إعلام الزوجة بالطلاق كشرط لصحة الطلاق و نفاذه


الاحتياط لبقاء الزوجية مقدم على الاحتياط للطلاق ! :

قال أبو محمد‏:‏ الفرض والورع أن لا يحكم حاكم، ولا يفتي مفت بفراق زوجة عقد نكاحها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد  بغير قرآن أو سنة ثابتة‏.‏


وقال بعضهم‏:‏ الورع إلزامه تلك الطلقة إذ قد يطلقها بعد ذلك طلقتين فتبقى عنده، ولعلها مطلقة ثلاثا‏.‏
فقلنا‏:‏ بل هذا ضد الورع، إذ تبيحون فرجها لأجنبي بلا بيان، وإنما الورع أن لا تحرم على المسلم امرأته التي نحن على يقين من أن الله عز وجل أباحها له وحرمها على من سواه إلا بيقين، وأما بالظنون والمحتملات فلا وبالله تعالى التوفيق‏.‏


وقد قلنا‏:‏ إن تحريم الفروج المحللة وتحليل الفروج المحرمة‏:‏ لا يحل لأحد بغير نص قرآن أو سنة عن رسول الله  ‏.‏


قال أبو محمد‏:‏ لا يحل تحريم فرج محلل بحكم الله عز وجل، وتحليل فرج محرم بحكمه تعالى بغير نص وبالله تعالى التوفيق‏.‏


فإن قالوا‏:‏ الورع له أن يفارقها‏.‏
قلنا‏:‏ إنما أورع لكل مفت في الأرض أن لا يحتاط لغيره بما يهلك به نفسه، وأن لا يستحل تحريم فرج امرأة على زوجها وإباحته لغيره بغير حكم من الله تعالى ورسوله  وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله‏}‏‏.‏



اشتراطه للتلفظ بالطلاق مع وجود النية كشرط لصحة الطلاق :

وهكذا نقول‏:‏ إن من نوى الطلاق ولم يلفظ به، أو لفظ به ولم ينوه فليس طلاق، إلا حتى يلفظ به وينويه، إلا أن يخص نص شيئا من الأحكام بإلزامه بنية دون عمل، أو بعمل دون نية؛ فنقف عنده وبالله تعالى التوفيق‏.‏

 ومن طلق وهو غير قاصد إلى الطلاق، لكن أخطأ لسانه فإن قامت عليه بينة قضي عليه بالطلاق، وإن لم تقم عليه بينة لكن أتى مستفتيا لم يلزمه الطلاق‏.‏
برهان ذلك‏:‏ قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم‏}‏‏.‏ وقول رسول الله ‏:‏ إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فصح أن لا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بعمل‏.‏
وأما إذا قامت بذلك بينة فإنه حق قد ثبت، وهو في قوله‏:‏ لم أنو الطلاق، مدع بطلان ذلك الحق الثابت، فدعواه باطل‏.‏
روينا من طريق وكيع، عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن خيثمة بن عبد الرحمن قال‏:‏ قالت امرأة لزوجها‏:‏ سمني فسماها الظبية، قالت‏:‏ ما قلت شيئا قال‏:‏ فهات ما أسميك به قالت‏:‏ سمني خلية طالق، قال‏:‏ فأنت خلية طالق، فأتت عمر بن الخطاب فقالت‏:‏ إن زوجي طلقني فجاء زوجها فقص عليه القصة فأوجع عمر رأسها، وقال لزوجها‏:‏ خذ بيدها وأوجع رأسها‏.‏
قال أبو محمد‏:‏ أما مثل هذا فحتى لو قامت به بينة لم يكن طلاقا‏.‏
وروي قولنا عن إياس بن معاوية‏.‏
وقال مالك‏:‏ إذا قال‏:‏ أنت طالق ألبتة وهو يريد أن يحلف على شيء ثم بدا له فترك اليمين فليست طالقا، لأنه لم يرد أن يطلقها‏.‏
وهو قول الليث بن سعد‏.‏
وقال الشافعي‏:‏ ما غلب المرء على لسانه بغير اختيار منه لذلك فهو كلا قول، لا يلزمه به طلاق، ولا غيره‏.‏

إنما الطلاق ما نطق به المطلق مختارا بلسانه قاصدا بقلبه، كما أمر الله تعالى

فصح أن كل عمل بلا نية فهو باطل لا يعتد به، وطلاق المكره عمل بلا نية، فهو باطل، وإنما هو حاك لما أمر أن يقوله فقط، ولا طلاق على حاك كلاما لم يعتقده‏.‏ 

قلت : وخلط بعض المعاصرين في فهم القصد و النية , و خلطوا بينها وبين العزم ! فظنوا خطأً أن ابن حزم لا يوقع طلاق الغضبان لأنه لا يقصد الطلاق حقيقة , و هذا خلاف فقه ابن حزم فالنية و القصد عند ابن حزم يقصد بها أن ينطق بلفظة الطلاق ناوياً بها الطلاق لا شئٌ آخر

عدم وقوع طلاق الهازل و اللاعب – لأنه لم يقصد الطلاق بل قصد الهزل - :

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ مُتَعَلَّقٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ خِلَافُ قَوْلِهِمْ، بَلْ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ لَا يَجُوزُ فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَالنَّذْرِ، فَإِذْ لَا يَجُوزُ فِيهَا فَهِيَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ بِهِ، هَذَا مُقْتَضَى لَفْظِ الْخَبَرِ.


وَمِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَلِيٍّ: ثَلَاثٌ لَا لَعِبَ فِيهِنَّ -: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ، - جَابِرٌ كَذَّابٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ ظَاهِرُهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِنَا لَا لِقَوْلِهِمْ، وَهُوَ إبْطَالُ اللَّعِبِ فِيهِنَّ فَإِذًا بَطَلَ مَا وَقَعَ مِنْهَا بِاللَّعِبِ.
وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بَلَغَنِي أَنَّ مَرْوَانَ أَخَذَ مِنْ عَلِيٍّ: أَرْبَعٌ لَا رُجُوعَ فِيهِنَّ إلَّا بِالْوَفَاءِ -: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ، وَالنَّذْرُ وَنَعَمْ، كُلُّ هَذِهِ إذَا وَقَعَتْ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَالْوَفَاءُ بِهَا فَرْضٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ كَمَا أَمَرَ إبْلِيسُ، فَلَا وَلَا كَرَامَةَ لِلْآمِرِ وَالْمُطِيعِ


اشتراطه للطلاق ألفاظ محددة كشرط لصحة الطلاق :

 لا يقع طلاق إلا بلفظ من أحد ثلاثة ألفاظ‏:‏ إما الطلاق، وأما السراح، وأما الفراق‏.‏ مثل أن يقول‏:‏ أنت طالق، أو يقول‏:‏ مطلقة، أو قد طلقتك أو أنت طالقة، أو أنت الطلاق أو أنت مسرحة، أو قد سرحتك، أو أنت السراح أو أنت مفارقة، أو قد فارقتك، أو أنت الفراق‏.‏ هذا كله إذا نوى به الطلاق، فإن قال في شيء من ذلك كله‏:‏ لم أنو الطلاق، صدق في الفتيا، ولم يصدق في القضاء في الطلاق، وما تصرف منه، وصدق في سائر ذلك في القضاء أيضا‏.‏

وأما تفريقنا بين ألفاظ الطلاق، فلم يوجب أن يراعى قوله فيها‏:‏ لم أنو الطلاق في القضاء خاصة وراعينا ذلك في ألفاظ ‏"‏ السراح، والفراق ‏"‏ فلأن لفظة ‏"‏ الطلاق ‏"‏ وما تصرف منها لا يقع في اللغة التي خاطبنا الله، عز وجل، بها في أحكام الشريعة إلا على عقد الزواج فقط، لا معنى آخر ألبتة، فلا يجوز أن يصدق في دعواه في حكم قد ثبت بالبينة عليه وفي إسقاط حقوق وجبت يقينا للمرأة بالطلاق قبله‏.‏ وراعينا دعواه تلك في الفتيا، لأنه قد يريد لفظا آخر فيسبقه لسانه إلى ما لم يرده، فإذا لم يعرف ذلك إلا بقوله، فقوله كله مقبول لا يجوز أخذ بعضه وإسقاط بعضه‏.‏

وما عدا هذه الألفاظ فلا يقع بها طلاق ألبتة نوى بها طلاقا أو لم ينو لا في فتيا، ولا في قضاء‏

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ مَنْ لَا يَبْلُغُ وَلَا عِتْقُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْ سَكْرَانَ أَوْ مَجْنُونٍ، وَلَا عِتْقَ مُكْرَهٍ، وَلَا مَنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ، لَكِنْ أَخْطَأَ لِسَانُهُ، إلَّا أَنَّ هَذَا وَحْدَهُ إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الدَّعْوَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ، وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَلْزَمُهُ

اشتراطه أن يكون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه :

من أراد طلاق امرأة له قد وطئها‏:‏ لم يحل له أن يطلقها في حيضتها، ولا في طهر وطئها فيه‏.‏ فإن طلقها طلقة أو طلقتين في طهر وطئها فيه، أو في حيضتها‏:‏ لم ينفذ ذلك الطلاق وهي امرأته كما كانت

عدم الاعتداد بالبدعة و عدم انفاذها :

قال أبو محمد‏:‏ ولا أضعف من قول من يقر أنه ينفذ البدعة ويحكم بما لا يجوز بغير نص من الله تعالى، ولا من رسوله  ‏.‏


عدم صحة الطلاق المعلق – أو المؤجل :

1974 - مسألة‏:‏ من قال‏:‏ إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق، أو ذكر وقتا ما فلا تكون طالقا بذلك، لا الآن، ولا إذا جاء رأس الشهر‏.‏
برهان ذلك‏:‏ أنه لم يأت قرآن، ولا سنة بوقوع الطلاق بذلك، وقد علمنا الله الطلاق على المدخول بها، وفي غير المدخول بها، وليس هذا فيما علمنا ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه‏.‏
وأيضا فإن كان كل طلاق لا يقع حين إيقاعه فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه

 والطلاق إلى أجل مشترط بشرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل‏

لابد للطلاق أن يكون وفقا لأوامر الله – كي ينفذ :

فمن قال لأمرأته‏:‏ أنت طالق لا رجعة لي فيها عليك، بل تملكين بها نفسك، فإن الناس اختلفوا في ذلك‏
والذي نقول به‏:‏ إنه كلام فاسد لا يقع به طلاق أصلا، لأنه لم يطلق كما أمره الله عز وجل، ولا طلاق إلا كما أمر الله تعالى‏.‏

ومن قال‏:‏ أنت طالق إن شاء الله، أو قال‏:‏ إلا أن يشاء الله، أو قال‏:‏ إلا أن لا يشاء الله‏:‏ فكل ذلك سواء، ولا يقع بشيء من ذلك طلاق‏.‏
برهان ذلك‏:‏ قول الله عز وجل‏:‏ ‏{‏ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله‏}‏‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وما تشاءون إلا أن يشاء الله‏}‏ ونحن نعلم أن الله تعالى لو أراد إمضاء هذا الطلاق ليسره لأخراجه بغير استثناء‏.‏ فصح أنه تعالى لم يرد وقوعه إذ يسره لتعليقه بمشيئته عز وجل‏.‏

تكرار التلفظ بالطلاق لا قيمة له :

ومن طلق امرأته ثم كرر طلاقها لكل من لقيه مشهدا أو مخبرا‏:‏ فهو طلاق واحد، لا يلزمه أكثر من ذلك وهذا ما لا خلاف فيه، لأنه لم ينو بذلك طلاقا آخر‏.‏

موقف من تيقنت أنها مطلقة منتهية العدة :

1979 - مسألة‏:‏ ومن أيقنت امرأته أنه طلقها ثلاثا، أو آخر ثلاث أو دون ثلاث، ولم يشهد على مراجعته إياها حتى تمت عدتها ثم أمسكها معتديا‏:‏ ففرض عليها أن تهرب عنه إن لم تكن لها بينة فإن أكرهها فلها قتله دفاعا عن نفسها، وإلا فهو زنى منها إن أمكنته من نفسها وهو أجنبي كعابر السبيل فحكمه في كل شيء حكم الأجنبي‏.‏

الحلف بالطلاق لا أثر له في وقوع الطلاق :

1973 - مسألة : واليمين بالطلاق لا يلزم سواء بر أو حنث لا يقع به طلاق، ولا طلاق إلا كما أمر الله عز وجل، ولا يمين إلا كما أمر الله عز وجل على لسان رسوله  ‏.‏

عدم وقوع الطلاق المعلق – مطلقا - :

قال أبو محمد‏:‏ والطلاق بالصفة عندنا كما هو الطلاق باليمين، كل ذلك لا يلزم وبالله تعالى التوفيق‏.‏ ولا يكون طلاقا إلا كما أمر الله تعالى به وعلمه، وهو القصد إلى الطلاق وأما ما عدا ذلك فباطل، وتعد لحدود الله عز وجل‏.‏

ثم نقول لهم‏:‏ من أين أجزتم الطلاق بصفة ولم تجيزوا النكاح بصفة والرجعة بصفة كمن قال‏:‏ إذا دخلت الدار فقد راجعت زوجتي المطلقة أو قال‏:‏ فقد تزوجتك وقالت هي مثل ذلك، وقال الولي مثل ذلك، ولا سبيل إلى فرق وبالله تعالى التوفيق‏.‏

عدم وقوع طلاق المكره :

وَإِنَّمَا فِيهِ «مَنْ نَكَحَ لَاعِبًا أَوْ طَلَّقَ لَاعِبًا» وَإِنْ قَالُوا: هُوَ طَلَاقٌ؟ قُلْنَا: كَلًّا، لَيْسَ طَلَاقًا إنَّمَا الطَّلَاقُ مَا نَطَقَ بِهِ الْمُطَلِّقُ مُخْتَارًا بِلِسَانِهِ قَاصِدًا بِقَلْبِهِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنْتُمْ تُسَمُّونَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَنِكَاحَ عَشْرٍ: نِكَاحًا فَأَجِيزُوهُ لِذَلِكَ؟ فَإِذْ قَدْ بَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فَعَلَيْنَا إيرَادُ الْبُرْهَانِ - بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى بُطْلَانِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ -: فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَطَلَاقُ الْمُكْرَهِ عَمَلٌ بِلَا نِيَّةٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا هُوَ حَاكٍ لِمَا أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ فَقَطْ، وَلَا طَلَاقَ عَلَى حَاكٍ كَلَامًا لَمْ يَعْتَقِدْهُ.

رحمه الله و ألحقنا به على خير


هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

الله يرحمه بس كيف يخطي الجمهور ويصيب هو

Unknown يقول...

هل لابد من وجود شاهدين عدل لوقوع الطلاق

عمرو المُلاحظ يقول...

حكم الإشهاد على الطلاق والرجعة؟
https://amrelmolahz.blogspot.com/2020/10/blog-post_18.html


غير معرف يقول...

رحمه الله ونفع الناس بعلمة

غير معرف يقول...

الله يرحمه. رأيه يوافق كتاب الله والاحكام الموجوده في القران الكريم.

تابعونا على تويتر

Translate