الاثنين، 21 سبتمبر 2009

سنن الله في الجماعات المنتصرة

لله عز وجل سنناً كونية يٌسيِّر بها الكون , و السنة أي الشئ المتكرر , فيكفي أن نرى شيئا يحدث باستمرار بشكل مترابط مع أشياء آخرى لنحكم عليه أو لنستنتج أنه سنة كونية إلهية , و هذه السنن هي من آيات الله ليذكر الناس أنه هو الملك و أنه لا شئ خارج سلطانه , و هي بمثابة قوانين لكنها ليست قوانين فيزيائية لكنها قوانين حياتية بشرية , ففكرت في فكرة هذا الكتاب ألا و هي محاولة استنباط أو استخراج هذه السنن الإلهية فيما يختص بالنصر , أو نشأة الدول , و صعود دول , و بروز فئات معينة أو علوها , هذا الأستنباط يكون من الأمثلة التاريخية لنشأة الدول , ما الذي يجمع بين هذه النماذج ؟ كي نستفيد منها و نأخذ العبرة و نستطيع الحكم أو التنبؤ بسهولة بمن سيصعد و بمن سينتصر !!! و بمن سيفشل لا محالة, و قد تكلمنا – أي العرب و المسلمين – بما فيه الكفاية و أزيد عن الهزيمة و الهزائم و سقوط الدول ! كفانا حديثاً عن الهزائم فنحن نعرفها جيدا ! كفانا جلدا للذات , فإذا كنا نبغي النصر أفلا نعرف أولا ما هو النصر؟ و من أين يأتي ؟ و كيف يأتي ؟

أنا و إن كنت على يقين تام أن النصر من عند الله

وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الأنفال 10

أي نصر هو من عند الله حتى النصر الذي يحققه غير المسلمين هو من عند الله يعز من يشاء و يذل من يشاء و يداول الأيام بين الناس فانه لابد من أسباب

سمات الجماعات المنتصرة :

1- فَتيّة : أي شابة لم تهرم , لم يمضي علي انشائها أو قيامها وقت طويل و وكذلك غالبية عناصرها من الشباب , فاذا مضى عليها اكثر من عشرون عاما فقد ضاعت فرصتها الى الأبد , فلابد ساعتها من قادة جدد و قاعدة جديدة تماما – اي قاعدة شعبية – حتى و لو كانت نفس المبادئ او نفس الدعوة لكن لابد من البداية من الصفر

2- أ ن تنشأ في وقت ضعف : و من أمارات هذا الضعف وجود قلاقل لا تكون هي صانعتها , وكذلك عدم قدرة الدولة على حماية نفسها من التهديدات الخارجية , واذا قامت في وقت قوة الدولة أو ازدهارها قضي عليها -أي الجماعة الناشئة -

3- أن تكون صاحبة قضية عادلة من وجهة نظر الجمهور المعاصر , و أن تتصف هذه الفكرة او القضية بالبساطة و الوضوع – دون تعقيد

4- أن يكون لها مرجعية دينية أو على الأقل فكرية

5- ألا تتعجل المواجهة مع القوة الرئيسية (أن تتحين وقت ضعفها كما قلنا في السمة الثانية) , و ألا تتعجل الدخول في صراع أو مواجهة مع قوة عظمى خارجية

الرسول صلى الله عليه وسلم : مواجهة قريش في الوقت المناسب , ثم بقية الجزيرة وتوحيد وتوطيد الدولة وعدم معاداة اليهود طوال هذه المراحل , ثم عدم الدخول في مواجهة مبكرة مع الفرس والروم

طالبان – المحاكم الأسلامية – عبد الناصر

صلاح الدين

6- أن تعرف متى تتقدم و متى تتوقف , أي عدم الأغترار بالانتصارات المتوالية

مثل هتلر و نابليون بونابرت , و بشكل ما أو بآخر عقبة بن نافع

أمثلة ونماذج :

الحركة الوهابية قامت على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب كمرجعية دينية و فكرية و تعجلت المواجهة واظهار العداء للدولة العثمانية و تعارض المصالح مع دولة محمد علي في مصر فتحالفوا عليها و قضوا عليها !

الحركة السعودية و انشاء الدولة السعودية قامت على نفس الأساس الفكري الوهابي لكن مع ظروف و متغيرات دولية مختلفة – في وقت ضعف – و عرفت منذ نشأتها إلى الآن كيف تسير الأمور مع القوى الدولية العظمى – بريطانيا ثم أمريكا

محمد علي و إنشاء حكم الأسرة العلوية محمد علي نموذخ خاص و لا نجده متكرر كثيرا فهو أسس الدولة وحده – انتصار فردي – لكنه منطبقة عليه كل السمات التي ذكرناها و عددناها – حتى أن توسعه المبالغ فيه كاد أن يقضي على دولته بالكامل لولا حنكته و تدراكه لهذا الخطأ

صقر قريش عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس , نموذج فردي آخر لكن منطبقة عليه كل الشروط و السمات و ساكتفي بتعليق بسيط هو أن الدولة الأموية في الأندلس مهما بلغت من قوة لم تفكر في مهاجمة أي أراضي تابعة للدولة العباسية – و هذا قمة العقل و الحنكة السياسية و لم يأخذهم الخيال او الجنون والجنوح السياسي لمحاربة قوى عظمى ! بهدف استعادة الخلافة الأموية كما كانت !!! فلنتعلم يا اخوتي !

المرابطون نشأت في الصحراء وكان لهم مرجعية دينية و بسطوا سلطانهم على المغرب و عبروا إلى الأندلس – نجدهم خاطبوا الخليفة العباسي و طلبوا وده و أعلنوا خضوعهم للخلافة العباسية

الموحدون نشأت في ظروف مشابهة لظروف المرابطين مع تغيير المرجعية الدينية فهم وان كانوا ينتمون للمرجعية الدينية الأسلامية الا أن المرابطين كانوا على المذهب المالكي , أما الموحدين فكانوا أتباعا للمذهب الظاهري – لأبن حزم -

الدولة الأموية والسيدة عائشة والزبير نشأت في وقت ضعف و قلاقل و كانت الفكرة بسيطة و على أساس عادل ألا و هو القصاص من قتلة سيدنا عثمان و في البداية كانت السيدة عائشة بمثابة مرجعية دينية , ثم بعد مقتل سيدنا علي تحولت الفكرة إلى وحدة المسلمين و هو ما نجح سيدنا معاوية في إقناع الحسن عليه السلام به

عبد الناصر سرق تنظيم الأخوان في الجيش و استغل ضعف الدولة التي كان الصراع مع الإنجليز و الصراع الحزبي و هزيمة الجيش في فلسطين و الحرب العالمية الثانية قد أنهكها تماما بالاضافة للفساد و محاربة الحكومة للأخوان, و عبد الناصر تحول من المرجعية الدينية الى المرجعية الأشتراكية والعروبة , و أحسن الاتصال بالقوى العالمية في أول حكمه

جماعة الإخوان المسلمين كان منطبق عليها كل السمات لكن مقتل الشيخ حسن البنا و تردده في القيام بثورة فتم التخلص منه قبل أن يقوم بأي تحرك و تمت سرقة تنظيمه السري من قبل عبدالناصر , ثم عدم قيامهم بثورة ضد عبدالناصر في اول حكمه فتغدى بهم قبل أن يتعشوا به ! فضاعت فرصتهم , أما الأخوان الآن ففقدوا أولو أهم سمة و هي ان جماعتهم شاخت و أيضا فقدت فكرتهم و مرجعيتهم الدينية بريقها ! و فقدوا فرصتهم إلى الأبد , ألا ترون أن الجماعة الأسلامية سحبت البساط من تحت أرجلهم ؟ ثم بعد أختفاء و القضاء على الجماعة الأسلامية , حصل فراغ ديني كبير لم يستطيعوا ملئه فملئه فرد واحد و هو عمرو خالد !!! ثم ملئت جزء منه التيارات السلفية

الجماعة الأسلامية في مصر لم تكن الدولة ضعيفة وقتها و رغم كثرة أنصارها إلا أن شعبيتها وسط عامة الشعب و عدالة قضيتها لم تكن بالقدر الكافي بل كانت ضعيفة جدا

الثورة الأسلامية في ايران أو ثورة الإمام الخميني كمرجعية دينية وقيادة سياسية وقامت على اساس فكرة ولاية الفقيه و قامت في وقت ضعف , و استغلت الحرب الباردة بين أمريكا و الأتحاد السوفيتي لتأمن شر أو قهر الدول العظمى , لكنها لم تأمن من مؤامرة أمريكا بدفعها لصدام حسين لمحاربتها

الدولة العباسية أو الخلافة العباسية قضية عادلة و بسيطة و هي حكم آل البيت و فساد الدولة الأموية و في وقت ضعف شديد للدولة الأموية و سرقت الفكرة من العلويين أو الشيعة كما نسميهم الآن

الخلافة الفاطمية في مصر , نشأت في المغرب و انتقلت إلى مصر – و هم من مرجعية الشيعة الباطنية

الدولة العثمانية أو الخلافة العثمانية نلاحظ أن توسعاتها كانت بحساب فمثلا فتح القسطنطينية المعركة الشهيرة و الملحمة الكبيرة بقيادة السلطان محمد الفاتح كانت في عهد سابع السلاطين العثمانيين , و اما ضم مصر فكان في عهد تاسع سلاطين العثمانيين سليم الأول

صلاح الدين و الدولة الأيوبية

تجربة طالبان و الدخول في عداء شديد و صريح للقوى العالمية !

المحاكم الأسلامية في الصومال , لم تسارع بالتواصل مع أمريكا مما جعلها تتدخل و بقوة عن طريق اثيوبيا – و ان كان شيخ شريف , قائدهم الذكي قد أدرك خطئه و اتخذ خطوان مبشرة , لكن المشكلة أن المتشددين الأسلاميين يحاربوه الآن – و لعلهم -أي هؤلاء المتشددين - يتعظوا من كلامي و من دروس التاريخ و سنن الله في حياة الأمم

هتلر النازية و تفوق الجنس الآري , لم يعرف متى يتوقف و لو توقف بعد أن استولى على النمسا و عمل معاهدات أو اتفاقيات مع فرنسا و بريطانيا لتغيير وجه العالم ! و لبقيت الدولة النازية إلى الآن !!

الشيوعية ,

الثورة الفرنسية ,

أتاتورك استغل ضعف الدولة العثمانية و قد كان احد قوادها و حقق انتصارات على أعداء الدولة أعطته شعبية فاستدار على الدولة و استولى على الحكم و ألغى الخلافة العثمانية طلبا لرضا القوى العالمية الكبرى – فتمكن من انشاء دولته الأتاتوركية

القاعدة ارتكبت اكثر الأخطاء غباءا فدخلت في مواجهة صريحة و علنية مع القوى العالمية الكبرى قبل أن تحقق و لو حتى نجاحات جزئية في دولة أو اثنين قبل أن تعادي العالم كله !

ملحوظة هامة :

لا يشترط ان تكون الأفكار المبني عليها الدعوة او الجماعة او الدولة لا يشترط ان تكون صحيحة او سليمة , فيمكن ان تكون مغلوطة او فاسدة و هذا لا يؤثر في فرص نجاحها , و يمكن ان تكون مغلوطة في جزء منها و ليس كلها و من الممكن ان تكون غير متكاملة و ليست قريبة للكمال –

مثال : الدعوة الباطنية التي افرزت الدولة الفاطمية في مصر , الفاشية , و النازية , و التتار , كمال أتاتورك

لكن لابد من تحقق جميع النقاط السابق ذكرها

ليست هناك تعليقات:

تابعونا على تويتر

Translate